وهذا الرفاعي -والحمد لله قد اعترف المغربيان اللذان ألَّفا كتاب التحذير من الاغترار بأن الرفاعي مؤسس الرفاعية- ادَّعى أنَّه ذهب إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وناداه وطلب أن يصافحه، وأخرج النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده الشريفة مِن القبر الشريف وصافحه، وأنَّ خمسون ألف حاجٍّ رأوه وهو يصافح الرفاعي، واعْترفَ المغربيَّان -نقلاً عن الغماري الخرافي الأكبر- بأنَّ هذا كذبٌ لأنَّه ما يمكن أن ينقل تواتراً لا يقبل فيه نقل الآحاد، ولم ينقل أحد من هؤلاء الخمسين ألفاً هذه القصة إلا الرفاعي الذي ادَّعى ذلك لنفسه!!
إذاً: هذه الحكاية لا تقبل؛ لأنها ليست منقولة إلا عن الرفاعي.
هذا الرفاعي -مؤسس الطريقة الرفاعية- والطريقة الرفاعية مشهورة جدّاً بالخرافات، ومشهورة بالسحر والشعوذة أكثر مِن غيرها مِن الفرق، حتى إن بعض الفرق الصوفية تعتبرهم مجرد سحرة وليسوا من الصوفية في شيءٍ.
وقصتهم مع شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية شرحها رحمه الله وفصلها في الفتاوى، وهم يسمُّون بـالبطائحيَّة لأنَّ الرفاعي كان في البطائح، ووصلتْ المناظرة مِن الشدَّة إلى حد أنَّهم قالوا للأمير: نحن على الحق، وابن تيمية على الباطل، نحن نستطيع أنْ ندخل النَّار، وهذه كرامة لنا تدل على أنَّنا على الحقِّ.
وشَيْخ الإِسْلامِ رحمه الله بثاقب علمه قال: نغسل أجسادَنا نحن وإياكم بأنواعٍ قويَّة مِن المزيلات، ثمَّ ندخل النَّار جميعاً، ومَن أحرقتْه فعليه لعنةُ الله، وهو ليس بالوليِّ فعند ذلك نكصوا على أعقابهم، وخسِئوا أمام الأمير، وأمام الجمهور، وأمام الذين معه، وعرف النَّاس أنَّهم دجالون، وأخبر شَيْخ الإِسْلامِ ابن تيمية بدَجَلِهم، وأنَّهم يَدهنون أجسادهم بأنواعٍ مِن الدهون، ثم يدخلون النَّار، أو يُدخلون أيديهم فيها ولا يحترقون، ثم يقولون للنَّاس نحن أولياء.
وأحمد الرفاعي مؤسِّس هذه الطريقة، ينقلون مِن كراماته: '' أنَّه كان إذا صعد الكرسي لا يقوم قائماً، وإنما يتحدث قاعداً، وكان يَسمع حديثَه البعيد مثل القريب؛ حتى أنَّ أهل القرى التي حول القرية التي كان فيها كانوا يجلسون على سطوحهم يسمعون صوته ويعرفون جميع ما يتحدث به، حتى كان الأطرش والأصم إذا حضروا يفتح الله أسماعهم لكلامه، وكانت شيوخ الطرق يحضرونه، ويسمعون كلامه ''.
ويذكرون من كراماته: إحياء الموتى! ويقولون: '' إنَّه كان جالساً وحده فنـزل عليه رجلٌ مِن الهواء، وجلس بين يديه، فقال الشيخ: مرحباً بوفد المشرق، فقال له: إنَّ لي عشرين يوماً ما أكلتُ ولا شربتُ، وإني أريد أن تُطعمني شهوتي , فقال له: وما شهوتُك؟
قال: فنظر إلى الجوِّ وإذا خمس وزات طائرات، فقال: أريد إحدى هؤلاء مشوية، ورغيفين مِن بُرٍّ، وكوزاً من ماء بارد، فقال له الشيخ: لك ذلك! ثم نظر إلى تلك الوزات، وقال: عجِّل بشهوة الرجل، قال: فما تم كلامُه حتى نزلت إحداهن بين يديه مشويةً! ثمَّ مدَّ الشيخُ يده إلى حجرين كانا إلى جانبه فوضعهما بين يديه فإذا هما رغيفان ساخنان مِن أحسن الخبز منظراً، ثم مدَّ يدَه إلى الهواء، وإذا بيدِه كوزٌ أحمر فيه ماء!! قال: فأكل وشرب، ثم ذهب في الهواء مِن حيث أتى، فقام الشيخ رضي الله عنه وأخذ تلك العظام، ووضعها بيده اليسرى، وأمرَّ بيده اليمنى عليها، وقال: أيتها العظام المتفرقة، والأوصال المتقطعة اذهبي، وطيري بأمر الله تعالى! بسم الله الرحمن الرحيم، قال: فذهبت وزَّةً سويَّةً كما كانت، وطارت في الجو حتى غابت عن منظري ''.
وأحد تلاميذه يُدعى علي الملِّيجي، يقول: '' إنَّه كان يزور أحدَهم، فذبح له سيِّده علي فرخاً وأكله، وقال لسيِّده: لابدَّ أن أكافئك، فاستضافه يوماً فذبح للسيِّد علي فرخة فتشوشت امرأتُه عليها، فلمَّا حضرت قال لها سيِّدي علي: هش! فقامت الفرخة تجري، فقال - الشيخ السيِّد علي -: يكفينا المرق ولا تتشوشي ''.
وفي الأجوبة المرضية للشعراني، يقول: '' ومما يتميز به الصوفية عن الفقهاء: الكشف الصحيح عن الأمور المستقبلة وغير ذلك، فيعرفون ما في بطون الأمهات أذكرٌ هو أم أنثى، أم خنثى، ويعرفون ما يخطر على بال النَّاس، وما يفعلونه في قعور بيوتهم ''.